سورة القصص - تفسير التفسير الوسيط

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (القصص)


        


{طسم (1) تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ (2) نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (3) إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (4) وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ (6)} [القصص: 28/ 1- 6].
سورة القصص مكّية إلا قوله عزّ وجلّ: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ} [الآية 85 من السورة]، نزلت هذه بالجحفة في وقت هجرة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى المدينة. افتتحت السورة بالأحرف الأبجدية المقطّعة {طسم (1)} للتنبيه على إعجاز القرآن، وتحدّي العرب بالإتيان بمثل القرآن الكريم، ما دام مكوّنا من أحرف لغتهم التي يتفاخرون بأنهم فيها أساطين البيان، وفرسان الفصاحة والبلاغة، لذا لا نجد مثل هذه الحروف إلا متبوعة بالكلام عن آي القرآن المجيد. فهذه آيات من الكتاب الواضح الجلي، الكاشف لحقائق الدين وأحكامه. وعبّر عن الآيات ب {تِلْكَ} وإن كانت إشارة للغائب والبعيد، وكلمة (هذه) للحاضر والقريب، فإنها أي (ذلك) في معنى القريب، بسبب الثقة والتأكد من حصول ما جاء بعدها. إننا نتلو ونذكر لك أيها النّبي خبر موسى وفرعون، حقّا وصدقا مطابقا للواقع، كأنك تشاهد الواقعة، من أجل تعريف قوم يصدّقون برسالتك وبما أنزل إليك من ربّك، فتطمئن به قلوبهم. وخصّ اللّه المؤمنين في قوله تعالى: {لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} من حيث إنهم هم المنتفعون بذلك دون غيرهم، لأنهم يصدّقون بالقرآن، ويعلمون أنه من عند اللّه تعالى، فينتفعون بذلك، أما من لم يؤمن، فلا يصدّق أنّه حقّ، وبالتالي لا ينتفع به.
إن فرعون ملك مصر في عهد الفراعنة استعلى في أرضها واستكبر، وبغى وطغى وتجبّر، وقهر أهلها وبطش، وجعل أهل مصر فرقا وأحزابا مختلفة، وسخّر كل طائفة في مصلحة عمرانية أو زراعية أو غيرها، يجعل جماعة منهم أذلّة خدما مقهورين، وهم بنو إسرائيل، يستأصل بالذّبح أبناءهم الذكور، ويبقي إناثهم أحياء، إهانة لهم واحتقارا، إنه كان من المفسدين في أرض مصر وملكه، بالعمل والمعاصي والاستكبار.
وأراد اللّه تعالى إنصاف الضعيف وعقاب المستكبر، فأنعم اللّه على المستضعفين المؤمنين برسالة موسى عليه السّلام، وخلّصهم من بأسه، وأنقذهم من ظلمه ومكره.
وجعل اللّه أولئك الضعاف الأذلة ولاة الأمور، ووارثين لملك فرعون وأرضه وما في سلطانه، وجعل لهم السلطة والنفوذ في أرض فرعون. وأرى اللّه فرعون الطاغية، وهامان وزيره الماكر، وأتباعهما ما كانوا يخافون منه، من ذهاب ملكهم، وهلاكهم على يد مولود من بني إسرائيل، وقد أنفذ اللّه أمره، وحقّق حكمه، بأن جعل تدمير فرعون وقومه على يد من تربّى في قصره، بعد أن صيّره اللّه رسولا ونبيا، وأنزل عليه التوراة، ليعلم أن اللّه وحده هو القاهر الغالب على أمره، ويتم أمر اللّه فيما أوقعه بفرعون وقومه وجنده فيما خافوه وحذروه من جهة بني إسرائيل وتغلبهم.
إرضاع موسى عليه السلام من أمّه:
خشي فرعون حاكم مصر هلاك ملكه على يد بني إسرائيل، فكان يقتّل الأبناء، ويبقى البنات أحياء للخدمة، وشاء اللّه تعالى أن ينجو من القتل موسى عليه السّلام بعد ولادته وإلقائه في البحر، فالتقطه آل فرعون لتربيته، وإعداده في النهاية لتدمير ملك فرعون من حيث لا يشعرون، ولم تتضرر أم موسى على رمي وليدها في البحر، فمنعه من قبول ثدي أي امرأة أخرى غير ثدي أمّه، فأرشدت أخته حاشية فرعون إلى من يرضعه، وأعاده اللّه تعالى لأمّه سالما آمنا، وهذه فصول قصة رضاعه، قال اللّه تعالى:


{وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (7) فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما كانُوا خاطِئِينَ (8) وَقالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (9) وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْ لا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (10) وَقالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (11) وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ ناصِحُونَ (12) فَرَدَدْناهُ إِلى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (13)} [القصص: 28/ 7- 13].
كان إقدام فرعون على تذبيح صبيان بني إسرائيل، لأنه- كما قال قتادة- قال له كهنته وعلماؤه: إن غلاما لبني إسرائيل يفسد ملكك، فرأى أن يقطع نسلهم، فصار يذبح عاما، ويستحيي عاما، فولد هارون عليه السّلام في عام الاستحياء، وولد موسى عليه السّلام في عام الذّبح، أي إن فرعون- كما قال ابن عطية- طمع بجهله أن يردّ القدر.
وابتدأت القصة، بذكر نعمة اللّه على موسى عليه السّلام، فيما معناه: وألهمنا أمّ موسى إرضاعه فترة زمنية، فأرضعته ثلاثة أو أربعة أشهر. كما يقال، فإذا خفت عليه من القتل، فألقيه في بحر النّيل، ولا تخافي عليه من الغرق والضياع، ولا تحزني على فراقه، إنّا سنردّه عليك لتكوني أنت مرضعته، وسنجعله نبيّا مرسلا إلى قومه بني إسرائيل.
فلما ألقي موسى في نيل مصر، مرّ أمام قصر فرعون، فالتقطه آل فرعون (أهله) من أجل معرفة ما في التابوت، وآثروا تبنّيه وتربيته، دون أن يدروا بمصيره، فكانت عاقبة أمره والتقاطه أن يصير موسى عليه السّلام بعد النّبوة والكهولة عدوّا لهم، بمخالفة دينهم، وإغراقهم في البحر وزوال ملكهم، لتكذيبهم برسالة موسى عليه السّلام. فتكون لام {لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا} لام العاقبة أو الصيرورة، لا أن القصد بالالتقاط من أجل أن يكون لهم عدوّا. ولقد كان فرعون ووزيره وأكبر رجاله هامان وجنودهما متعمدين الخطأ، مصرّين على تكذيب موسى. وبهذا يعلم أن (الخاطئ) متعمّد الخطأ، و(المخطئ): الذي لا يتعمّده، فعاقبهم اللّه بأن ربّى عدوّهم عندهم، وكان هو سبب هلاكهم.
وقالت زوجة فرعون له: هذا الطفل قرّة عين لي، أي سلوة لي، تقرّ به عيني، وتفرح به نفسي، فلا تقتلوه، وذلك الإلهام لامرأة فرعون لأن اللّه تعالى ألقى عليه المحبة، فكان يحبّه كل من شاهده، ولعله يكون سببا للخير والنفع، أو نتخذه ولدا ونتبنّاه، لما يتمتع به من الوسامة والجمال، ولكن لم يشعر قوم فرعون أن هلاكهم بسبب هذا الطفل وعلى يده.
وأصبح قلب أم موسى بعد إلقاء صندوقه في البحر فارغا من كل شيء من شواغل الدنيا، إلا من ذكر موسى، وكادت من شدّة حزنها وأسفها إظهار أمر ابنها وأنه ذهب لها ولد، وأنها أمّه، لولا أن ثبّت اللّه قلبها وصبّرها، لتكون من المصدّقين الواثقين بوعد اللّه لها، بردّه إليها.
وقالت أمّ موسى لأخته ابنتها الكبرى: تتبّعي أثره واعرفي خبره، فخرجت لذلك، فعثرت عليه في بيت فرعون، وأبصرته عن بعد، والقوم لا يشعرون بها وبمهمّتها، ولا بأنه الذي يفسد الملك على يديه.
ومنع اللّه موسى من قبول ثدي المراضع غير ثدي أمّه، من قبل، أي من أول أمره، فقالت أخته لمن حول بيت فرعون: ألا أدلّكم على أهل بيت يتكفّلون بشأنه وإرضاعه وحضانته، وهم حافظون له، ناصحون للملك، بخدمته والمحافظة عليه؟!
فأعاد اللّه الطفل موسى إلى أمه بعد التقاط آل فرعون له، لتقرّ عينها وتسرّ بوجوده لديها وسلامته عندها، ولا تحزن عليه بفراقه، ولتتيقّن أن وعد اللّه بردّه إليها حقّ لا شكّ فيه، ولكن أكثر الناس لا يعلمون حكم اللّه في أفعاله، أي حكمته وتدبيره.
خطأ موسى عليه السّلام:
قضى موسى عليه السّلام عهد الشباب في مصر، مع قومه الإسرائيليين، وتعايشه مع فرعون وأتباعه، ولكنه كان ضجرا متألما لما عليه سوء الحال في مصر، رافضا ألوهية فرعون، قلقا من استكباره واستعلائه، وإذلاله بني إسرائيل، وينتظر الفرج القريب، بما آتاه اللّه من العلم والحكمة والبصيرة في إدراك وحدانية اللّه تعالى، وهو بهذا يصارع الآلام النفسية، من تألّه فرعون وجبروته ومظالمه، وهذا ما وصفه لنا القرآن الكريم، للعبرة والعظة في الآيات الآتية:


{وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوى آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (14) وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ قالَ هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ (15) قالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (16) قالَ رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ (17)} [القصص: 28/ 14- 17].
كان تكوين موسى عليه السلام وإعداده للنّبوة وتربيته يشبه إعداد جميع الأنبياء، إنهم كانوا قبل النّبوة على ملّة التوحيد: ملّة إبراهيم الحنيفية عليه السّلام، فلما نضج موسى عليه السّلام وتكامل عقله وحزمه، أي استوى، وذلك- عند الجمهور- مع سنّ الأربعين، وقيل: ثلاثين، آتاه اللّه الحكم، أي الحكمة، والعلم: المعرفة بشرع إبراهيم عليه السّلام، وكما فعل اللّه ذلك بموسى فعل بسائر الأنبياء، ليجزي المحسنين على إحسانهم، وقد رجح الإمام الفخر الرازي: أن المراد بالحكم هنا:
الحكمة والعلم لا النّبوة، والحكمة والعلم مقدّمات لنبوة موسى عليه السّلام.
والأشد: شدة البدن واستحكام أمره وقوته. واستوى: معناه تكامل عقله وحزمه.
وحدث في هذه المرحلة من العمر: أن دخل موسى عليه السلام مدينة عين شمس، على بعد فرسخين من مصر القديمة، في وقت القائلة أو القيلولة، وقت الغفلة، والناس نيام، فوجد فيها رجلين يتخاصمان، أحدهما إسرائيلي من قومه أو شيعته وحزبه، والآخر مصري فرعوني، هو طبّاخ فرعون، وكان قد طلب من الإسرائيلي أن يحمل حطبا للمطبخ فأبى، فطلب الإسرائيلي المساعدة والعون على عدوه الفرعوني، فضربه موسى بيده على لحيته، فقضى عليه، أي قتله، أي كان الضرب الخطأ مفضيا خطأ إلى الموت، فإن موسى لم يرد قتل القبطي، لكن وافقت وكزته الأجل، ونشأ عنها موته، فندم موسى، ورأى أن ذلك من نزغ الشيطان في يده، وأن الغضب الذي اقترنت به تلك الوكزة، كان من الشيطان ومن همزه، فنسب إلى عمله، وقد اقترنت قوته الكبيرة بوقت غضبه، بأكثر مما يقصد، وكان الحادث قبل النّبوة. فندم موسى على ما فعل، وقال: إن هذا العمل من تزيين الشيطان وإغرائه، إن الشيطان عدوّ للإنسان، موقع له في الضلال والخطأ.
ثم تاب موسى عليه السلام من فعله هذا فقال: { رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي} أي يا ربّ إني أوقعت نفسي في الظلم والإثم بهذا الفعل، وهو قتل نفس بريئة، فاستر لي ذنبي، ولا تؤاخذني بجناية نفسي، وإني نادم على ما فعلت، وأتوب إليك وأستغفرك، فغفر اللّه له، وقبل توبته، إنه سبحانه وتعالى الغفور: السّتّار لذنوب عباده التائبين المخلصين في توبتهم، الرّحيم بهم: المنعم عليهم بفيض رحمته، فلا يعاقبهم بعد التوبة المخلصة.
وعاهد موسى ربّه عزّ وجلّ قائلا: يا ربّ، اعصمني من الخطأ، بسبب ما أنعمت علي، من الحكمة والمعرفة بالملّة القويمة وبتوحيدك وتمجيدك، يا ربّ، بنعمتك علي، وبسبب إحسانك إلي وفضلك، فأنا ملتزم ألّا أكون معينا للمجرمين، أي المنحرفين الخارجين عن دائرة الحق والاستقامة. قال القشيري: ولم يقل: لما أنعمت علي من المغفرة، لأن هذا كان قبل الوحي، وما كان عالما بأن اللّه غفر له ذلك القتل. وأراد بترك مظاهرة المجرمين: إما صحبة فرعون وانتظامه في جملته، وتكثير سواده، حيث كان يركب بركوبه، كالولد مع الوالد، وكان يسمى ابن فرعون، وإما بمظاهرة من أدّت مظاهرته إلى الجرم والإثم، كمظاهرة الإسرائيلي المؤدية إلى القتل الذي لم يحل له قتله.
وظلّ موسى عليه السّلام يتحسس ويتألم من حادثة القتل، مع علمه بأنه قد غفر له، حتى في يوم القيامة، كما صحّ في حديث الشفاعة.
قلق موسى عليه السّلام وخوفه وخروجه من مصر:
إن النفوس المؤمنة، والسّامية العالية، ينتابها الخوف الدائم والقلق والضجر إذا بدر منها الخطأ، وعكّر السّوء صفاءها، وجعلها لا تقرّ ولا ترتاح، وهكذا كان شأن موسى عليه السّلام بعد أن وقعت بسببه حادثة قتل خطأ، قبل أن يكون رسولا نبيّا، ومما زاده ألما وضيقا أن الذي نصره من الإسرائيليين يستنجد به مرة أخرى، لضرب رجل آخر، فأبى موسى مناصرته، ثم جاءه رجل يحذّره من التآمر على قتله من آل فرعون، فكان ذلك سببا لخروجه من مصر، واتّجاهه نحو أرض مدين، وصف اللّه تعالى هذه الأحداث في الآيات التالية:

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6